مرونة «العربية».. لوثة لغة الصحافة
في العربية لا توجد قاعدة واضحة في كيفية بناء الجملة
خلق الشعر «المرونة» في اللغة؛ ولكن لدى ترجمتها إلى «النثر» الصحافي بوضعه الحالي، تصبح «لوثة».
22.8.22
رشاد عبد القادر
في العربية تجد التقديم والتأخير والإضمار والتقدير والحذف، وأن حرفاً واحداً يحلّ محل جملة بأكملها، وأن الزمن «مطّاط» فيمكن لصيغة المضارع أن تشير إلى الزمن الماضي أو العكس.
«العربية» من حيث النشأة، هي بالضرورة لغة الشِّعر.. كانت حياة العرب تدور حول الشِّعر؛ الجملة الموزونة موسيقياً. لذلك تجد التقديم والتأخير والإضمار والتقدير والحذف، وأن حرفاً واحداً يحلّ محل جملة بأكملها، وأن الزمن «مطّاط» فيمكن لصيغة المضارع أن تشير إلى الزمن الماضي أو العكس. فقد احتاج الشعراء إلى هذه المرونة للإبداع في أبياتهم.
انظر إلى هذا التنوع في هذه الجملة دون أن يحصل لبس بين المعطي والآخذ. فالمعطي في كل هذه الجمل هو محمد والآخذ خالد. وعلى الرغم من أن هنالك تغييراً طفيفاً على معنى كل جملة، إلا أن ذلك لا يؤثر في معناها العام.
أعطى محمدٌ خالداً كتاباً.
محمدٌ أعطى خالداً كتاباً.
خالداً أعطى محمدٌ كتاباً.
كتاباً أعطى محمدٌ خالداً.
كتاباً خالداً أعطى محمدٌ.
أعطى خالداً كتاباً محمدٌ.
أعطى خالداً محمدٌ كتاباً.
الحق، أن هذه «المرونة» تصبح تحديّاً في لغة الصحافة، لذلك تجدها «ملوّثة» و«غامضة».
فكيفية بناء «الجملة الواضحة» في اللغات الحية الأخرى كالألمانية مثلاً، أمر مفروغ منه؛ وله قاعدة واضحة. في العربية لا توجد هذه القاعدة.
بناء هذه الجمل ليس صحيحاً نحوياً فحسب، بل مطلوباً بلاغياً أيضاً، إذ إن كل واحدة مختلفة عن الأخرى من حيث إزالة اللبس في ذهن المخاطب.
فمثلاً، في:
أعطى محمدٌ خالداً كتاباً.
المخاطب لا يعلم شيئاً عن الموضوع بأكمله.
محمدٌ أعطى خالداً كتاباً.
المخاطب يعلم أن شخصاً ما أعطى خالداً كتاباً، ولكنه لا يعلم تماماً من هو. لذلك تقدم «محمدٌ» لإزالة اللبس.
خالداً أعطى محمدٌ كتاباً.
المخاطب يعلم أن محمداً أعطى كتاباً شخصاً ما، لكنه يجهل من هو، فتقدم «خالداً» لإزالة اللبس.
كتاباً أعطى محمدٌ خالداً.
المخاطب يعلم أن محمداً أعطى خالداً شيئاً ما، لكنه لا يعلم ما هو، فتقدم «كتاباً» لإزالة اللبس.
كتاباً خالداً أعطى محمدٌ.
المخاطب يعلم أن محمداً أعطى شيئاً ما شخصاً ما، لكنه لا يعلم الشيء ولا الشخص، فتقدم «كتاباً خالداً» لإزالة اللبس.
وهكذا..
خلق الشعر هذه «المرونة» في اللغة؛ ولكن لدى ترجمتها إلى «النثر» ا لصحافي بوضعه الحالي، تصبح «لوثة» ينبغي التخلص منها، إذ إن الأمر لم يكن هكذا دائماً.
12. Mai 2021
الكتابة تجعلك إنساناً
رشاد عبد القادر
بقلم:
الكاتب يستخدم كل شيء. يستخدم خياله، وغريزته، وعقله، وحواسه، وخبراته، وعلاقاته، وكلماته، وكل قصة تشرّبها منذ طفولته. قد تكون الكتابة عندك مهنة أو هواية أو ربما طموحاً. ولا يهم الطريق الذي تختاره، فبكل الأحوال الكتابة ستجعلك تعرف أكثر وتشعر أكثر. الكتابة ستعظِّم الإنسان بداخلك وتكثّفه.
22. April 2021
البساطة مفتاح الصحافة الجيدة، لكن ليس دائماً
رشاد عبد القادر
بقلم:
الكلمة البسيطة والجملة القصيرة والتركيب اللغوي الواضح لا غنى عنها في الموضوعات المعقدة والمبهمة والغريبة، لجعلها مفهومة بل و"مألوفة" عبر قوة الشرح. ولا أريد التحدث عنها اليوم. ما يأسرني أكثر أن الصحافي الجيد يستطيع أيضاً أن يجعلَ البسيطَ «معقداً»، ويترك أثراً جيداً لدى القارئ.
20. April 2021
علامات الترقيم.. إيضاح وإثارة
رشاد عبد القادر
بقلم:
أما وقد تحدثتُ عن الجَوْر الذي لحق بـ"الجملة الطويلة" وما أثاره من "غيرة" المدافعين عن ميراث استخدام الجملة القصيرة في الراديو أو التلفزيون، أجدها فرصة مناسبة لتناول علامات الترقيم التي ترسم بداية الجملة ونهايتها وتضبط إيقاعها ومساحتها، وكثيراً ما يُساء فهمها واستخدامها.
25. Oktober 2020