للعالقين في منتصف السُّلَّم.. ثمة مَخْرج
كيف تنتقل بين المجردات والمحسوسات في كتابتك.. استخدام سلم التجريد
اللغة المجردة ليس لها طعم ولا رائحة ولا يمكن قياسها؛ إنها تحتكم إلى العقل، بينما اللغة المادية تحتكم إلى الحواس.
25.4.21
رشاد عبد القادر
أن تكون كاتباً جيداً عليك صعود سُلَّم اللغة وهبوطه باستمرار؛ إياك الوقوف في منتصفه للرقص. في أعلى السُّلَّم اللغة مجرّدة كالحرية والمعرفة، وفي أسفله اللغة مادية مرتبطة بالحواس كالشجرة والصخرة.
أستطيع أن أجزم بأن «سُلَّم التجريد» الذي قال به عام 1939 عالم اللغويات الأمريكي صموئيل إيشيا هاياكاوا S. I. Hayakawa في كتابه Language in Action، من أعظم الابتكارات في الكتابة والتفكير. ولتبسيط الفكرة سألجأ إلى مثل مصري شارح، كثيراً ما كان يردده مديري كلما تُهنا في الطريق بقوله: «زي إللي رقصوا على السِّلَّم». وسُلَّم هاياكاوا يُستخدم بمئات الطرق للمساعدة على التأمل في اللغة والتعبير عن المعاني.
أن تكون كاتباً جيداً عليك صعود سُلَّم اللغة وهبوطه باستمرار؛ إياك الوقوف في منتصفه للرقص كما يقول Peter Roy Clark. في أعلى السُّلَّم اللغة مجرّدة كالحرية والمعرفة، وفي أسفله اللغة مادية مرتبطة بالحواس كالشجرة والصخرة.
اللغة المجردة ليس لها طعم ولا رائحة ولا يمكن قياسها؛ إنها تحتكم إلى العقل، بينما اللغة المادية تحتكم إلى الحواس. أنْ تقف في المنتصف فلا «إللي فوق» سيرَوْنك ولا «إللي تحت» سيصفقون لك. هناك تتوارى اللغة الرتيبة والروتينية للدوائر الحكومية. عندما تكتب نصاً ولا يستطيع القارئ أن يراه أو يفهمه، فأنت عالقٌ في منتصف السُّلَّم؛ ولغتك لغة صحافي خائف، مرتبك، غير واثق من لغته ومعلوماته.
اقرأ هذا النص البديع من مادة نشرتها «نيويورك تايمز» اليوم للصحافييْن مايكل بولسن Michael Paulson وكارا باكلي Cara Buckley. ستجد أنهما يصعدان السُّلَّم ويهبطانه برشاقة. أح ياناً حتى العبارة المؤلفة من كلمتين، كلمة في الأعلى والأخرى في الأسفل. ولا وجود حتى لعبارة واحدة في منتصف السُّلَّم.
انتبه إلى هذه الكلمات..
أعلى السُّلَّم:
شهرة، قوة، سمعة، وضاعة، ذوق، موهبة، الترويع، ثورات الغضب، الإساءة، الانتقام، القساوة (معنوياً)، المعاناة، الألم، يوم الحساب، التنمر، اعتذار، شهية، تبعات.. إلخ.
أسفل السُّلَّم:
جوائز إيمي وغرامي وأوسكار وتوني، المرؤوسون، الأكواب، أجهزة الموبايل، الدَّبَّاسات، شركة تأمين، مسرح، سرطان الثدي، رابطة برودواي، الأعمال الفنية، سلوك ( مجسّد).. إلخ.
استمتع..
لطالما كان سكوت رودين أحد أكثر المنتجين شهرةً وقوةً في هوليوود، وبخاصة في برودواي؛ فقد فاز الرجل بجوائز إيمي وغرامي وأوسكار و17 جائزة توني، كل ذلك فيما كانت سُمعته كأحد أكثر المديرين وَضاعةً تزدهر في الوسط الفني باطراد.
حظي ذوقه وموهبته بالتقدير في أفلام مثل «The Social Network» و«No Country for Old Men» والعروض المسرحية «To Kill a Mockingbird» و«The Book of Mormon»، وعُرِفَ أيضاً في عالم الترفيه بترويعه مرؤوسيه، ورميهم بالأكواب وأجهزة الموبايل والدباسات، وكل ما كانت تطاله يده في ثورات الغضب.
ولكن إساءة معاملة المساعدين ليست سوى جزءٍ صغير من الطريقة التي مارس بها نفوذه.
لديه سمعة انتقامية؛ فبعد نزاع مع وكيل شركة طيران حول سعر تذكرة، قيل إنه ضغط على بعض زبائنه لتركه. وهو مولع بالمنازعات القضائية؛ فقد رفع دعوى ضد شركة تأمين للمطالبة بتعويضات هائلة ملقياً مسؤولية إلغاء عرض موسيقي على حَمْل الممثلة أودرا مكدونالد. وبمقدوره أن يكون قاسياً؛ فعندما أبلغته الممثلة ريتا ويلسون التي كانت تلعب دور البطولة في إحدى مسرحياته، بأنها مصابة بسرطان الثدي، أعرب عن أسفه لأن عليها التوقف عن العمل في أثناء موسم التصويت على جائزة «توني» المرموقة للعروض المسرحية.
«إنه مثل زعيم المافيا. إذا كُسِرت ساقه، فعلى الآخرين معاناة الألم»، قال الكاتب المسرحي آدم راب الذي ألغى سكوت رودين إحدى مسرحياته بطريقة فظة عندما رفض قطع العلاقة مع وكيل كان في نزاع معه.
الآن، يبدو أن المنتج ذا الـ62 عاماً يواجه يوم الحساب. فقد أثار مقال نشرته مجلة «هوليوود ريبورتر» هذا الشهر ضجةً بتفصيل تاريخه الطويل في التنمر على المساعدين، ما قاد سكوت رودين إلى إعلان استنكافه عن «المشاركة النشطة» في مشاريعه في برودواي وهوليوود ومسارح ويست إند بلندن. وفي ردٍّ مكتوب على أسئلة هذا المقال، قال إنه يشعر بـ«عميق الأسف» لسلوكه، وكشف أنه سيستقيل من رابطة «برودواي» التي تُعنى بالمنتجين وملّاك المسارح.
وقال: «أعلم أن الاعتذار ليس كافياً بأية حال. أنا عازم على إيجاد حل لمشكلاتي بالاستنكاف، وأدرك تماماً أن الكثيرين سيشعرون بأن هذا قليل جداً ومتأخر جداً».
طوال عقود، فلَتَ سكوت رودين إلى حد بعيد من تبعات سلوكه. توافد عليه الفنانون، كبيرهم وصغيرهم، جزئياً بسبب شهيته للأعمال الفنية الطموحة (التي غالباً كانت تحصد الجوائز). الكثيرون ممن تضرروا من سخطه كانوا يخشون الانتقام إنْ جاهروا بذلك.
12. Mai 2021
الكتابة تجعلك إنساناً
رشاد عبد القادر
بقلم:
الكاتب يستخدم كل شيء. يستخدم خياله، وغريزته، وعقله، وحواسه، وخبراته، وعلاقاته، وكلماته، وكل قصة تشرّبها منذ طفولته. قد تكون الكتابة عندك مهنة أو هواية أو ربما طموحاً. ولا يهم الطريق الذي تختاره، فبكل الأحوال الكتابة ستجعلك تعرف أكثر وتشعر أكثر. الكتابة ستعظِّم الإنسان بداخلك وتكثّفه.
22. April 2021
البساطة مفتاح الصحافة الجيدة، لكن ليس دائماً
رشاد عبد القادر
بقلم:
الكلمة البسيطة والجملة القصيرة والتركيب اللغوي الواضح لا غنى عنها في الموضوعات المعقدة والمبهمة والغريبة، لجعلها مفهومة بل و"مألوفة" عبر قوة الشرح. ولا أريد التحدث عنها اليوم. ما يأسرني أكثر أن الصحافي الجيد يستطيع أيضاً أن يجعلَ البسيطَ «معقداً»، ويترك أثراً جيداً لدى القارئ.
20. April 2021
علامات الترقيم.. إيضاح وإثارة
رشاد عبد القادر
بقلم:
أما وقد تحدثتُ عن الجَوْر الذي لحق بـ"الجملة الطويلة" وما أثاره من "غيرة" المدافعين عن ميراث استخدام الجملة القصيرة في الراديو أو التلفزيون، أجدها فرصة مناسبة لتناول علامات الترقيم التي ترسم بداية الجملة ونهايتها وتضبط إيقاعها ومساحتها، وكثيراً ما يُساء فهمها واستخدامها.
25. Oktober 2020