top of page

لا تخشَ الجملة الطويلة

لن يكون الصحافي صحافياً إلا إذا واجه مخاوفه وأتقن كتابة الجملة الطويلة

الكتابة إيقاع؛ وعليك بالتنويع.

18.4.21

رشاد عبد القادر

رشاد عبد القادر، رشاد عبدالقادر

الطول سيجعل الجملة السيئة أكثر سوءاً، لكنه سيجعل الجملة الجيدة أكثر بهاءً. نصائح لاستخدام الجملة الطويلة بذكاء في الكتابة.

لا تخشَ الجملة الطويلة.


إذا كنتَ كاتباً، فأنت تعرفُ سلفاً تلك «الرجفة» التي تبعثها الجملةُ الطويلةُ في الضلوع، فعندما تنتقل من عبارة إلى عبارة، ومن صورة إلى صورة؛ بالكادِ تلتقط أنفاسَك مع ارتفاع الأدرينالين بآخرِ زفرةِ هواءٍ في رئتيك قبل أن تصل إلى تلك النقطة «اللعينة» في نهاية الجملة.


حسناً، لهذا يخشاها الجميع. فأول «نصيحة» ككاتب أو كصحفي، كانت -على الأرجح- أن تكتب الجملة قصيرة. ومع أنه موضوع شائك، إلا أنهم ضحكوا عليك.


لن يكون الصحافي صحافياً إلا إذا واجه مخاوفه، وأتقن كتابة الجملة الطويلة. نعم، الطول يجعل الجملة السيئة أكثر سوءاً، لكنه يجعل الجملة الجيدة أكثر بهاءً.


أن تكتب الجملة الطويلة يعني أن تسير عكس التيار، أليس هذا ما يفعله من الكُتّاب أفضلهم؟


انظر إلى هذا الجلال في الجملة الأخيرة من هذا النص الذي كتبه سليم بركات في كتابه "المعجم":


كلُّ شـهـوةٍ يـتـهـدَّجُ صـوتُهـا امتناناً أنك تتنفَّسُ الصـعـداءَ، أبداً، إذْ تتنفَّسُ الشـهـواتُ الصُّـعـداءَ في خيالك، أيها الشر.
قُدُوْرَكَ تَغلي. الطهاةُ يفرمون، تحت أبخرةِ الثوم والمُصْطكى، عروقَ الخير الرقيقة كالكزبرة، قارعين بمغارف الهباءِ الصغيرة على حوافِ مواقد الآجُرِّ كي يُبعدوا الأملَ الشحاذَ؛ ذبابةَ الوجـودِ متناثراً قطراتٍ من شحم على صَدَفَةِ العبثِ العريق.

الكتابة إيقاع؛ بها: تك دم تك | تك دم (إيقاع المقسوم)، وبها أيضاً: تك تك دم | تك | دم | تك | دم | تك تك تك | تك تك تك | دم دم دم | تك تك تك (إيقاع الورشان). وعليك بالتنويع.

نصائح

  1. وضع الفعل والفاعل (أو المبتدأ والخبر) في بداية الجملة الطويلة، هذا يساعد على سهولة فهمها.

  2. استخدم الجملة الطويلة لوصف شيء طويل أو أمر يستغرق زمناً، أي أن شكل الجملة يتبع وظيفتها.

  3. استخدم الجمل الطويلة بالتناوب مع المتوسطة والقصيرة في نصك.

  4. التسلسل الزمني في الجملة الطويلة ييسّر فهمها.

  5. الجملة الطويلة تتطلب جهداً في فهمها وفي تحريرها، فاحرص أن تكون كل كلمة فيها مهمة.


توم وولف Tom Wolfe، الصحافي الأمريكي الرقيق الرفيع، صاحب البذلة البيضاء صيفاً شتاءً، كان أكثر من أتقن كتابة الجملة الطويلة، بخاصة في مقالته المعنونة بـ A Sunday Kind of Love:


توم وولف
توم وولف

الحب! عطر الشهوة معلقاً في الهواء! الساعة 8:45 من صباح الخميس في محطة مترو IRT، عند تقاطع شـارعي الخمسين وبرودواي، وثمة صبي وصبية يتعانقان وقد تشـابكت أيديهما وأرجلهما كنسيج «هارينغبورن» الصوفي، مما يثبت، بدون شك، أن الحـب فـي نيويورك لا يقتصر على يوم الأحد فقط.
على عكس التوقعات كلها! تنبثق الوجـوه فـي كتل خارجـة مـن محطة قطار الجادة السابعة، مـروراً بماكينة الآيس كريم ذات الحجم الكبير، والبوابات الدوّارة تصفق بعنـف، كمـا لـو كان العالم يتكسـر كالأمواج فوق الشعاب المرجانية. أربع خطوات بعد البوابات الدوّارة، يتدافع الجميع متلاصقين لتسلق السلالم إلى السطح، كقِمْعٍ كبير من اللحم والصوف واللباد والجلد والمطاط والألومكرون الحراري، فيمـا يُعتصر الدم بصعوبة عبر الشـرايين المتصلبة لدى الجميع في دفقات متوثبة؛ بسبب الإفراط في شرب القهـوة والجهـد المبذول للخروج من محطة المترو سـاعة الذروة. مع ذلك، هناك على الرصيف، صبي وصبية في الثامنة عشـرة تقريباً، كانا مندمجين في عناق أبدي مُجْهِد كـ«عشق ممنوع».
حولهمـا عشـرة، عشـرات، بل يبـدو كأن مئات الوجوه والأجساد المتعرقة المتزاحمة المندفعة عبر السلالم، والتي تعلوها تكشيرة المصاب بتصلب الشرايين، مـروراً بواجهة زجاجيـة تعـرض فيهـا سلع مستجدة، مثل «جوي بازر» و«سكويرتنغ نيكلز» و«فينجر راتس» و«سكيري تارانتـولاس» وملاعـق لُصِقَ عليها ذبـاب يبدو حقيقياً، مروراً بصـالـون حلاقة «فِرِدْ»، الذي يقع بمحاذاة الرصيف ويعرض صوراً براقة لشبان بقصات شعر باروكية يمكن للمرء الحصول عليها هناك، صعوداً نحو شـارع الخمسين، ومنه إلى جنون زحمـة السير والمتاجـر التـي تـعـرض فـي الواجهـات قطع لانجري غريبة الشكل، ومستحضرات صبغ الشعر الأبيض، ولافتات عن قراءة الطالع مجاناً، وأخرى عن مباراة فـي لـعـب البليـاردو بـيـن فتيات البلاي بـوي وعارضات داوني، ثم يطرق الجميع نحو مبان «تايم - لايف» أو «بريل» أو «إن بي سي».


 

4. Dezember 2024

خرج من منزله، ولم يعد

رشاد عبد القادر

بقلم:

قصة تدور أحداثها في ديسمبر 2024، توثق سقوط حلب والتحالفات المتشابكة التي شكلت مصير المدينة. في قلب هذا الفوضى، يقف مقاتل حرية مسنّ، كان يأمل أن يتجاوز معارك الماضي، لكنه دفع الثمن الأغلى عندما طرقت الحرب بابه مجدداً.

12. April 2024

اللعبة التي علمتني سرد القصة

رشاد عبد القادر

بقلم:

نحن نتابع الأخبار لنتعرف على الوقائع، ونحصل على المعلومات، لكننا ننجر إلى القصص المرة تلو المرة؛ لأننا نحتاج إلى معرفة ما يعنيه تموضعنا داخل تلك الوقائع والمعلومات.

5. März 2024

هل يمكن أن تنقرض الصحافة؟

رشاد عبد القادر

بقلم:

التهديدات الوجودية التي تواجهها الصحافة، تفوق ما قد يتسع له فيلم رعب ذي ميزانية كبيرة. حقاً، لطالما كان الأمر كذلك.

26. September 2022

ترتيب الكلمات في الجملة

رشاد عبد القادر

بقلم:

لم يحظَ نظام الجملة العربية بالدراسة الكافية لدى نحاة «عصور الاحتجاج» الذين أرسوا قواعد اللغة. فلا تجد بين كتبهم الكثيرة، كتاباً عن الجملة العربية، أو حتى فصول من كتاب.

8. September 2022

بناء الجملة في اللغة العربية

رشاد عبد القادر

بقلم:

«العربية» تطوّرت بخصائصها في الإيجاز كلّما وجدت إليه سبيلا. لذلك قالت العرب «خَيْرُ الكلام ما قِلّ ودَلّ»، فمتى ما أمكن أن يكون الكلامُ جملةً واحدة، كانَ أَوْلَى من جعله جملتين «من غير فائدة».

5. September 2022

غاية اللغة الوضوح

رشاد عبد القادر

بقلم:

متعة القراءة ليست في الوصول إلى ما تقوله الجملة لفظاً، إنما في استكشاف ديناميكيات التفاعل بين مكوّناتها

22. August 2022

مرونة «العربية».. لوثة لغة الصحافة

رشاد عبد القادر

بقلم:

في العربية تجد التقديم والتأخير والإضمار والتقدير والحذف، وأن حرفاً واحداً يحلّ محل جملة بأكملها، وأن الزمن «مطّاط» فيمكن لصيغة المضارع أن تشير إلى الزمن الماضي أو العكس.

30. Dezember 2021

نعم، لم يكن عادياً

رشاد عبد القادر

بقلم:

طوّرنا نحن البشر القدرة على خلق القصص والإيمان بها. طوّرناها لأن السرد يستطيع تجاوز «هنا، الآن» من خلال تعريف الأفراد بمواقف تتجاوز تجاربهم اليومية.

21. Mai 2021

دع الكلمات والجمل تتصادم

رشاد عبد القادر

بقلم:

المعنى يتوالد في التصادم بين الجمل، وليس كما تعتقد بأنه فكرة في دماغك يمكنك إيصالها عبر «وعاء» يسمى الجملة.

14. Mai 2021

الجُمَل.. ممثلون يؤدون الدور ويغادرون خشبة المسرح

رشاد عبد القادر

بقلم:

لماذا التركيز على الجمل وليس الخبر أو القصة ككل؟ لأن عملك ككاتب هو بناء الجمل؛ معظم وقتك ستقضيه في إنشاء الجمل في عقلك، ألم يخبروك بذلك؟ هذه هي حياة الكاتب.

12. Mai 2021

الكتابة تجعلك إنساناً

رشاد عبد القادر

بقلم:

الكاتب يستخدم كل شيء. يستخدم خياله، وغريزته، وعقله، وحواسه، وخبراته، وعلاقاته، وكلماته، وكل قصة تشرّبها منذ طفولته. قد تكون الكتابة عندك مهنة أو هواية أو ربما طموحاً. ولا يهم الطريق الذي تختاره، فبكل الأحوال الكتابة ستجعلك تعرف أكثر وتشعر أكثر. الكتابة ستعظِّم الإنسان بداخلك وتكثّفه.

6. Mai 2021

الصقور الحوّامة..

رشاد عبد القادر

بقلم:

اكتب كي تفاجئ نفسك حتى وإن كانت المفاجأة سيئة. «لديك الحرية. لديك الخيار. استخدمه. شجّع الآخرين على النزول عن غصن الشجرة. استثمر بعض الوقت والاهتمام للنظر فيما أنت ذاهب إليه. ولكن بعد ذلك انزلق. تحسّس تيار الهواء الصاعد. وحلّق».

3. Mai 2021

تمرين في اللغة

رشاد عبد القادر

بقلم:

الكتابة الجيدة لا تأتي بالفطرة. والجملة الواضحة ليست من قبيل المصادفة، إذ نادراً ما تأتي من المحاولة الأولى أو الثانية أو حتى الثالثة. إذا وجدت الكتابة صعبة، تذكّر هذا في لحظات اليأس: ذلك لأنها بالفعل صعبة.

30. April 2021

الأفعال.. تلك القوة المهدورة صحافياً

رشاد عبد القادر

بقلم:

الصحافة أساساً تدور حول الأفعال. وقوة الأفعال في أنها مرتبطة بزمن له بداية ونهاية، وبها حركة من النقطة «أ» إلى النقطة «ب»؛ ما يضفي الأكشن (أو التشويق إذا أردت) إلى السرد في النص. استبدال الأفعال بصيغة المصدر ينزع عن السرد دسمه.

25. April 2021

للعالقين في منتصف السُّلَّم.. ثمة مَخْرج

رشاد عبد القادر

بقلم:

أن تكون كاتباً جيداً عليك صعود سُلَّم اللغة وهبوطه باستمرار؛ إياك الوقوف في منتصفه للرقص. في أعلى السُّلَّم اللغة مجرّدة كالحرية والمعرفة، وفي أسفله اللغة مادية مرتبطة بالحواس كالشجرة والصخرة.

22. April 2021

البساطة مفتاح الصحافة الجيدة، لكن ليس دائماً

رشاد عبد القادر

بقلم:

الكلمة البسيطة والجملة القصيرة والتركيب اللغوي الواضح لا غنى عنها في الموضوعات المعقدة والمبهمة والغريبة، لجعلها مفهومة بل و"مألوفة" عبر قوة الشرح. ولا أريد التحدث عنها اليوم. ما يأسرني أكثر أن الصحافي الجيد يستطيع أيضاً أن يجعلَ البسيطَ «معقداً»، ويترك أثراً جيداً لدى القارئ.

21. April 2021

صحافة «قال وأضاف».. لديك خيارات أكثر من ذلك

رشاد عبد القادر

بقلم:

التقارير توصل المعلومات، القصص تخلق التجربةَ. التقارير تنقل المعرفة، القصص تنقل القارئ نفسه، عابرةً الزمان والمكان. التقارير تدلّنا على الحدث، بينما القصص تضعنا داخل الحدث.

20. April 2021

علامات الترقيم.. إيضاح وإثارة

رشاد عبد القادر

بقلم:

أما وقد تحدثتُ عن الجَوْر الذي لحق بـ"الجملة الطويلة" وما أثاره من "غيرة" المدافعين عن ميراث استخدام الجملة القصيرة في الراديو أو التلفزيون، أجدها فرصة مناسبة لتناول علامات الترقيم التي ترسم بداية الجملة ونهايتها وتضبط إيقاعها ومساحتها، وكثيراً ما يُساء فهمها واستخدامها.

16. April 2021

طريق الإقناع معبّد بالتفاصيل

رشاد عبد القادر

بقلم:

وصف الروائي جوزيف كونراد Joseph Conrad ذات مرة مهمته في الكتابة قائلاً: "بقوة الكلمة المكتوبة، أريد أن أجعلك تسمع وتشعر، وقبل كل شيء أن أريد أن أجعلك ترى".

2. April 2021

في لعنة المعرفة

رشاد عبد القادر

بقلم:

صحافياً، تعني "لعنة المعرفة" عدم قدرة الصحافي على استيعاب أن القارئ لا يمتلك المعارف التي يمتلكها هو نفسه. والمشكلة تنبع أساساً من أن المرء كلما عرف شيئاً نسي الصعوبات التي واجهته في معرفة ذلك الشيء.

25. Oktober 2020

كيف تكون مكتشفاً للمشاكل؟

رشاد عبد القادر

بقلم:

الطلب في سوق العمل لن يكون على الذين يحلون المشاكل، بل على مكتشفي المشاكل. حل المشاكل سيكون مهمة سهلة ووظيفة الذكاء الاصطناعي.

26. Juli 2020

الفضول والألفة في الصحافة

رشاد عبد القادر

بقلم:

البشر كائنات معقدة؛ فهم فضوليون ومحافظون؛ متعطشون لأشياء جديدة ومنحازون للأشياء المألوفة. والألفة، كما يقول صاحب كتاب Hit Makers ليست النهاية. إنها مجرد بداية فقط.

21. Juli 2020

في مديح الثقة

رشاد عبد القادر

بقلم:

إن المبدأ الأول للصحافة - سعيها غير المتحيز نحو الحقيقة - هو في نهاية المطاف ما يميز الصحافة عن أشكال الاتصال الأخرى. فالحقيقة ليست كاملة أبداً، إنما في طور التشكل دائماً مع كل قصة جديدة.

22. Juni 2020

لسنا وحدنا.. فالعالم مثلنا أيضاً

رشاد عبد القادر

بقلم:

أنت كفرد تتوهم أنك تعرف أكثر مما كان يعرفه صياد قبل آلاف الأعوام، لكن الحقيقة أن معارفك بحاجياتك في عالمك أقل بكثير من معارفه بحاجياته في عالمه. فنحن في عالمنا المعاصر نعتمد على خبرات الآخرين في تلبية جميع احتياجاتنا تقريباً.

18. Juni 2020

نحتاج إلى 3 بالمئة فقط لإحداث التغيير

رشاد عبد القادر

بقلم:

عند كل مفترق حضاري، كان هنالك شخص مختلف، يفكر بطريقة مختلفة، ويريد إنجاز شيء مختلف، فيُحدِث التغيير الذي سينحدر في النهاية إلى نقطة الصفر، ولكي يستمر التطور سيحتاج إلى تغيير آخر!

11. Juni 2020

لا يكفي أن تكون صحفياً

رشاد عبد القادر

بقلم:

أولئك الذين يعزفون على أحد الآلات الموسيقية، يعلمون تلك المساحات المحسوبة بدقة هندسية متناهية بين العلامة الموسيقية ونصف العلامة وربع العلامة. والصحفي الجيد مثل العازف الجيد، عليه أن يعرف أين يضع إصبعه.

bottom of page