غاية اللغة الوضوح
الجانب المعنوي من علم النحو
الجرجاني كان حريصاً على دراسة دور «المتكلم» في بناء الجملة، لا دور «المتلقي» في فهمها
5.9.22
رشاد عبد القادر
متعة القراءة ليست في الوصول إلى ما تقوله الجملة لفظاً، إنما في استكشاف ديناميكيات التفاعل بين مكوّناتها
متعة القراءة ليست في الوصول إلى ما تقوله الجملة لفظاً، إنما في استكشاف ديناميكيات التفاعل بين مكوّناتها؛ فتنفصل أحياناً وتترابط أو ترتبط أحياناً أخرى في طريقها لتوليد «المعنى».
قبل ألف عام، كان «الجرجاني» على وشك أن يوجه اللغة العربية وجهة مختلفة تماماً لولا أن دارسيه ظنّوا خطئاً أنه يتحدث عن علم جديد في البلاغة لا اللغة، فسمّوه «علم المعاني»؛ ثم فصلوه عن آليات بناء الجملة.
منذ ذلك الحين، نعيش في تيه لغوي. لعل المحاولة الأكثر جدية صدرت من اللغوي القدير د. تمام حسان وبعض تلامذته لإعادة الشأن لما اكتشفه الجرجاني وللغة العربية، لكن «الخطأ» كان قد ترسّخ حتى بات صعباً زحزحته.
باختصار، بعد أن انتشر اللحن بين المسلمين المستجدين من غير العرب، دأب النحاة في درسهم على إعانة المتلقي على صحة تلاوة القرآن لا على تدبُّر معانيه، وتركوا هذه المهمة للمتكلّمين والمتأدبين والبلاغيين؛ أي أنهم انطلقوا من وجهة نظر «المتلقي» وليس «المتكلم»، فظلت قضايا اللفظ والمعنى خارج نطاق النحو. فالغاية الأولى من النحو -بحسبهم- المبنى وليس المعنى. بذلك أغفلوا جوانب معنوية مهمة في بناء الجملة، كالتقديم والتأخير، والفَصْل والوَصْل، والإيجاز والإطناب والمساواة إلخ، وأدخلوها في إطار علم جديد، هو «علم المعاني».
والحق، لم يكن العلم المستجد إلّا الجانب المعنوي من علم النحو. هذا ما أراد فعله الجرجاني، فقد كان حريصاً على دراسة دور «المتكلم» في بناء الجملة، لا دور «المتلقي» في فهمها. وقد جعل نقطة الانطلاق في دراسته لبناء الجملة هي المعنى وليس المبنى.
انظر إلى الديناميكيات التي تنشأ من خلالها علاقة الارتباط بين «خَاتَم» و«فِضَّة» في الجمل التالية:
1. خَاتمُ فِضَّةٍ: علاقة إضافة.
2. خَاتمٌ فِضَّةً: علاقة تمييز.
3. خَاتمٌ فِضَّةٌ: علاقة وصفية.
4. خَاتمٌ من فِضَّةٍ: اصطناع علاقة رَبْط بأداة «من».
ستلاحظ أن الارتباط في «1، 2، 3» عضويّ؛ أي أن الجملة لا تحتاج إلى أداة إضافية لخلق الربط، وهذا هو الأصل في اللغة العربية. بينما «4» احتاجت إلى حرف «من» لخلق الربط لهذا فهو اصطناعي.
عندما تكتب، استكشف الديناميكيات الداخلية لمكونات الجملة بتجنب أدوات الربط لأنها عوالق في الجملة، ولا تستخدمها إلّا لأمن اللبْس في فهم المعنى، لأنَّ غاية اللغة الوضوح.
12. Mai 2021
الكتابة تجعلك إنساناً
رشاد عبد القادر
بقلم:
الكاتب يستخدم كل شيء. يستخدم خياله، وغريزته، وعقله، وحواسه، وخبراته، وعلاقاته، وكلماته، وكل قصة تشرّبها منذ طفولته. قد تكون الكتابة عندك مهنة أو هواية أو ربما طموحاً. ولا يهم الطريق الذي تختاره، فبكل الأحوال الكتابة ستجعلك تعرف أكثر وتشعر أكثر. الكتابة ستعظِّم الإنسان بداخلك وتكثّفه.
22. April 2021
البساطة مفتاح الصحافة الجيدة، لكن ليس دائماً
رشاد عبد القادر
بقلم:
الكلمة البسيطة والجملة القصيرة والتركيب اللغوي الواضح لا غنى عنها في الموضوعات المعقدة والمبهمة والغريبة، لجعلها مفهومة بل و"مألوفة" عبر قوة الشرح. ولا أريد التحدث عنها اليوم. ما يأسرني أكثر أن الصحافي الجيد يستطيع أيضاً أن يجعلَ البسيطَ «معقداً»، ويترك أثراً جيداً لدى القارئ.
20. April 2021
علامات الترقيم.. إيضاح وإثارة
رشاد عبد القادر
بقلم:
أما وقد تحدثتُ عن الجَوْر الذي لحق بـ"الجملة الطويلة" وما أثاره من "غيرة" المدافعين عن ميراث استخدام الجملة القصيرة في الراديو أو التلفزيون، أجدها فرصة مناسبة لتناول علامات الترقيم التي ترسم بداية الجملة ونهايتها وتضبط إيقاعها ومساحتها، وكثيراً ما يُساء فهمها واستخدامها.
25. Oktober 2020