صحافة «قال وأضاف».. لديك خيارات أكثر من ذلك
لا تكن أسير هذا القالب المستهلك الطارد للقارئ
التمييز بين التقرير والقصة أمرٌ هام لما يتوقعه القارئ وللأسلوب الذي يكتب به الصحافي.
21.4.21
رشاد عبد القادر
التقارير توصل المعلومات، القصص تخلق التجربةَ. التقارير تنقل المعرفة، القصص تنقل القارئ نفسه، عابرةً الزمان والمكان. التقارير تدلّنا على الحدث، بينما القصص تضعنا داخل الحدث.
يستخدم الصحافيون تعبير «القصة» بمزيج من السحر والغموض لدى الحديث عن التقرير الخبري. فهم ينظرون إلى أنفسهم على أنهم رواةُ قصص، وهم ليسوا كذلك. فمعظم ما ينشرونه هو تقارير -أو «قصص» كما تسمى خطأً- مملّة، كئيبة، غير قابلة للقراءة.
هذا لا يعني أن يكون التقرير مملاً طالما أنه ليس قصة، كما لا يعني أن تكون القصص ممتعة لمجرد كونها كذلك. لكن التمييز بين التقرير والقصة أمرٌ مهم لما يتوقعه القارئ وللأسلوب الذي يكتب به الصحاف ي، كما يقول Peter Roy Clark في كتابه Writing Tools.
وإليك الفرق..
القراء يقرؤون لأحد سببين: فهُمْ إما يريدون الحصول على معلومات Information أو يريدون التعرّض لتجربة Experience. وهنا الفرق. التقارير توصل المعلومات، القصص تخلق التجربةَ. التقارير تنقل المعرفة، القصص تنقل القارئ نفسه، عابرةً الزمان والمكان. التقارير تدلّنا على الحدث، بينما القصص تضعنا داخل الحدث.
* التقرير: يجتمع أعضاء المجلس البلدي اليوم لمناقشة خطة جديدة لتوزيع أجهزة التنفس على مستشفيات المدينة.
* القصة: وقف إحسان أحمد أمام مبنى المجلس البلدي والدموع تتساقط من عينيه، رافعاً صورة والدته احتجاجاً على وفاتها يوم أمس نتيجة نقص حاد في أجهزة الأوكسجين.
فما الذي حدث هنا؟
في كلتا الحالتين، يلجأ الصحفي إلى جمع المعلومات عن طريق الأسئلة الستة المعروفة (مَنْ وماذا وأين ومتى ولماذا وكيف) وإيصالها إلى القراء. في التقارير، تكون الإجابات عن هذه الأسئلة بمعلومات ثابتة، ناشفة. في القصة، يبثّ السرد الحياة في هذه المعلومات. فمَنْ، يصبح شخصية في القصة. وماذا، يصبح الأكشن في القصة، وهكذا.
طبيعة الموضوع المتناول تفرض ما إذا كان تقريراً أو قصة، أم مزيجاً بين الاثنين باستخدام تقنيات السرد في إيصال المعلومة الناشفة. الأول يُسمى صحافة «قال وأضاف»، وهو السائد بدون منازع في الصحافة العربية، والثاني كثيراً ما يُستخدم في السرد الصحفي في الفيتشرات، أما الثالث فهو الأقرب إليّ لأن الكاتب يستطيع مخاطبة القلب والعقل معاً، ق ادراً على خلق التعاطف وإفهام القارئ في آن.
انظر إلى ما نشرته نيويورك تايمز قبل أيام عن «سرطان هودجكن»:
كان الظلام قد حلّ عندما استطاعت المرأة ذات الـ 41 عاماً أن تبدأ رحلتها الطويلة من شقة والدها في واشنطن إلى منزلها في ويستشستر. كانت توّاقة للعودة إلى زوجها وأطفالها الثلاثة. عند نقطة ما، بعد أن عبرت الحدود إلى ولاية مريلاند، أُصيبت بحكة شديدة في كامل جسدها. قبل بضعة أسابيع شعرت بحكة خفيفة، لكنها عزت الأمر إلى جفاف بشرتها التي أصبحت فاتحة بعد أن كانت داكنة بسبب شمس الصيف. لكن الحكة هذه المرة بدت مختلفة تماماً؛ فهي أقوى وأعمق، وفي كل مكان من جسدها، وكل ذلك في وقت واحد.
في هذه المادة تمزج الكاتبة ليزا ساندرز Lisa Sanders -وهي بالأصل طبيبة- تقنيات القصة والتقرير لإيصال معلومات طبية جامدة بطريقة بدي عة. والعناصر كلها في سردها تدفع القارئ للانتقال من فقرة إلى أخرى دون أن يشعر بذلك.
لديك خيارات أكثر من مجرد «قال وأضاف»، فلا تكن أسير هذا القالب المستهلك الطارد للقارئ.
12. Mai 2021
الكتابة تجعلك إنساناً
رشاد عبد القادر
بقلم:
الكاتب يستخدم كل شيء. يستخدم خياله، وغريزته، وعقله، وحواسه، وخبراته، وعلاقاته، وكلماته، وكل قصة تشرّبها منذ طفولته. قد تكون الكتابة عندك مهنة أو هواية أو ربما طموحاً. ولا يهم الطريق الذي تختاره، فبكل الأحوال الكتابة ستجعلك تعرف أكثر وتشعر أكثر. الكتابة ستعظِّم الإنسان بداخلك وتكثّفه.
22. April 2021
البساطة مفتاح الصحافة الجيدة، لكن ليس دائماً
رشاد عبد القادر
بقلم:
الكلمة البسيطة والجملة القصيرة والتركيب اللغوي الواضح لا غنى عنها في الموضوعات المعقدة والمبهمة والغريبة، لجعلها مفهومة بل و"مألوفة" عبر قوة الشرح. ولا أريد التحدث عنها اليوم. ما يأسرني أكثر أن الصحافي الجيد يستطيع أيضاً أن يجعلَ البسيطَ «معقداً»، ويترك أثراً جيداً لدى القارئ.
20. April 2021
علامات الترقيم.. إيضاح وإثارة
رشاد عبد القادر
بقلم:
أما وقد تحدثتُ عن الجَوْر الذي لحق بـ"الجملة الطويلة" وما أثاره من "غيرة" المدافعين عن ميراث استخدام الجملة القصيرة في الراديو أو التلفزيون، أجدها فرصة مناسبة لتناول علامات الترقيم التي ترسم بداية الجملة ونهايتها وتضبط إيقاعها ومساحتها، وكثيراً ما يُساء فهمها واستخدامها.
25. Oktober 2020