البساطة مفتاح الصحافة الجيدة، لكن ليس دائماً
متى تجعل البسيط معقداً
«الألفة» مرض الصحافيين، إنْ لم يعززوا مناعتهم ضدها، تفتك بهم.
22.4.21
رشاد عبد القادر
الكلمة البسيطة والجملة القصيرة والتركيب اللغوي الواضح لا غنى عنها في الموضوعات المعقدة والمبهمة والغريبة، لجعلها مفهومة بل و"مألوفة" عبر قوة الشرح. ولا أريد التحدث عنها اليوم. ما يأسرني أكثر أن الصحافي الجيد يستطيع أيضاً أن يجعلَ البسيطَ «معقداً»، ويترك أثراً جيداً لدى القارئ.
فالكلمة البسيطة والجملة القصيرة والتركيب اللغوي الواضح لا غنى عنها في الموضوعات المعقدة والمبهمة والغريبة، لجعلها مفهومة بل و«مألوفة» عبر قوة الشرح. ولا أريد التحدث عنها اليوم.
ما يأسرني أكثر أن الصحافي الجيد يستطيع أيضاً أن يجعلَ البسيطَ «معقداً»، ويترك أثراً جيداً لدى القارئ.
قبل أيام، نشرت «نيويورك تايمز» مادة عن «النَّفَس في الأكل» عند العرب للكاتبة الفلسطينية ريم قسيس، وهي رغم دراستها البيزنس في جامعة بنسلفانيا فإنها تكتب أكثر في «الطبخ» وعلاقته بالثقافة والتاريخ والسياسة.
تقول:
كلمة «النَّفَس» تنطوي على تلك الحميمية التي تمتد إلى ما وراء السمات المادية المحسوسة في الطبق. فهي تتعلق بالشخص الذي يعد الطبخ بقدر ما تتعلق بما « ينفخه من روح» في الطعام. إنها الوقت والجهد المبذولان في اختيار المكونات وإعدادها؛ تلك الرقصة الصبور مع التوابل ذهاباً وإياباً إلى أن تصل كل نكهة إلى حد الكمال؛ ذاك السخاء في مدّ السُّفْرة والحفاوة بالضيوف؛ وقبل كل شيء، إنه عشق للطبخ وشهوة لإطعام الآخرين.
على مدار أكثر من 1500 كلمة وعبر مقابلات ودراسات علمية ومقاربات ثقافية، تمرر ريم قسيس هذه الكلمة العادية والمألوفة عبر فلتر أسلوبها النثري، فتجبرنا على أن نراها بطريقة جديدة. الكلمة ذاتها لكن بأبعاد ومعانٍ جديدة، ويسمى في الأدب «نزع الألفة» عن الشيء أو defamiliarization الذي قال به الناقد الأدبي الروسي فيكتور شكلوفسكي عام 1917.
لنأخذ مثالاً يستشهد به Roy Peter Clark في كتابه Writing Tools، ويتحدث عن «الرطوبة» التي عايشتُها لسنوات في الخليج، ولكن لم يخطر ببالي أبداً وصف الكاتب والصحفي الأمريكي إلوين بروكس وايت، وهو أيضاً مؤلف رواية الأطفال الشهيرة «شبكة شارلوت»:
في الكثير من الأيام، تنتشر رطوبة الجو في جميع مظاهر الحياة. أعواد الثقاب ترفض أن تشتعل. المنشفة، إذا عُلِّقت لتجف، تزداد بللاً كل ساعة. الصحف بعناوينها عن الاندماج، تذوي بين يديك وتتساقط هزيلة في كوب القهوة أو صحن البيض. أظرف الرسائل تلصق نفسها بنفسها. والطوابع البريدية تضاجع بعضها بلا حياء كالجنادب. (من كتابه The Ring of Time)
«الألفة» مرض الصحافيين، إنْ لم يعززوا مناعتهم ضدها، تفتك بهم. فالقصة الصحافية نافذة القارئ على العالم، وكما لا تلاحظ إطار النافذة عندما تنظر إلى الأفق، كذلك النثر الصحفي ينبغي أن يستغرق حواس القارئ بأن ثمة شيئاً ما «غير مألوف» يجري أمامه.
تذكَّر دائماً أن النثر الجيد ليس نتاج طول الجملة أو اختيار الكلمات أو اتباع هذه القاعدة أو تلك، بل ينبع في المقام الأول من ذاك الشعور بوجود هدف لقصتك الصحفية، وتلك العزيمة على أن تكون مفيدة.
12. Mai 2021
الكتابة تجعلك إنساناً
رشاد عبد القادر
بقلم:
الكاتب يستخدم كل شيء. يستخدم خياله، وغريزته، وعقله، وحواسه، وخبراته، وعلاقاته، وكلماته، وكل قصة تشرّبها منذ طفولته. قد تكون الكتابة عندك مهنة أو هواية أو ربما طموحاً. ولا يهم الطريق الذي تختاره، فبكل الأحوال الكتابة ستجعلك تعرف أكثر وتشعر أكثر. الكتابة ستعظِّم الإنسان بداخلك وتكثّفه.
20. April 2021
علامات الترقيم.. إيضاح وإثارة
رشاد عبد القادر
بقلم:
أما وقد تحدثتُ عن الجَوْر الذي لحق بـ"الجملة الطويلة" وما أثاره من "غيرة" المدافعين عن ميراث استخدام الجملة القصيرة في الراديو أو التلفزيون، أجدها فرصة مناسبة لتناول علامات الترقيم التي ترسم بداية الجملة ونهايتها وتضبط إيقاعها ومساحتها، وكثيراً ما يُساء فهمها واستخدامها.
25. Oktober 2020